الصياد واليهودي والخاتم
كان هناك رجل فقير يعيش على ما يصطاده من البحر. وذات يوم اصطاد سمكة هامور ، فأخذها إلى بيته وشق بطنها فوجد بداخلها خاتم النبي سليمان – عليه
السلام – والمعروف أن هذا يحقق كل طلبات من يملكه .
وقد نما خبر حصول الفقير على الخاتم إلى مسامع رجل يهودي كان دائم البحث والسؤال عن خاتم النبي سليمان . فجاء إلى الفقير وقال له : أريد أن أشتري منك الخاتم .
قال الفقير : لن أبيعه .
قال اليهودي : سأدفع لك كل ما تطلبه من مال ، فأنا أبحث عن هذا الخاتم منذ سنين ولن أتنازل عنه ، والاختيار لك … إما أن تبيعني إياه أو أن آخذه منك بالقوة ، والأحسن لك أن تبيعني إياه فأعطيك ما تريد ، وإذا احتجت إلى شيء فأنا أقيم في تلك الجزيرة التي في وسط البحر.
رد الفقيرة بحدة : قلت إنني لن أبيعه ، ولن أسمح لك أن تأخذه بالقوة .
هجم اليهودي على الفقير واعتدى عليه بالضرب وأخذ الخاتم من يده ، ولم يستطع الفقير أن يفعل شيئاً .
وتمتم الفقير قائلاً : سيعوضني الله خيراً ، إن الله وحده سبحانه وتعالى هو الذي أعطاني الخاتم وهو الذي سيعيده إليّ .
وكان لهذا الصياد الفقير كلب وقطة وفأر وكان من عادته إذا عاد من البحر أن يأخذ من السمك ما يحتاجه هو وأولاده ، وما يزيد عن ذلك يرمي به للكلب والقطة والفأر ، حيث كان يعتني بهذه الحيوانات ويطعمها .
حزن الصياد لفقد الخاتم ، وامتنع عن الذهاب إلى الصيد طوال الشهر ، وأصبحت الحيوانات في حيرة لا يعرفون ماذا حلّ بصاحبهم . وكانت الحيوانات في الماضي تتكلم ، فقررت أن تذهب إليه وتسأله عن السبب .
قال الكلب : لماذا لا تذهب للصيد ؟
وقال الفأر : إنك تمضي يومك صامتاً حزيناً هل حلً بك مكروه ؟
وقالت له القطة : ما الذي غيّرك ؟
قال الرجل للحيوانات : الذي غيّرني هو ما حدث لي ، وسأقص عليكم الأمر . خرجت ذات مرة للصيد ووجدت خاتماً في بطن سمكة ، وكان بوسع هذا الخاتم أن يمنحنا جميعاً السعادة والهناء .
قالت الحيوانات :وأين ذهب هذا الخاتم ؟
قال الفقير : أخذه مني اليهودي .
قالت الحيوانات :وأين هو هذا اليهودي ؟
قال الفقير : إنه يعيش في جزيرة وسط البحر .
قالت الحيوانات : باستطاعتنا ذلك وسنعيد لك الخاتم ، فاليهودي لا يضعه في إصبعه وهو نائم ، بل يضعه في فمه ، وقد بنى لنفسه قصوراً في الجزيرة من بركات هذا الخاتم .
فشكر الفقير لحيواناته اهتمامهم وتعاطفهم .
قالت الحيوانات : لقد أطعمتنا وساعدتنا ، وحان الوقت لنرد لك الجميل ، أعطنا مهلة عشرة أيام حتى نعبر البحر إلى الجزيرة . وافق الرجل وأعطاهم هذه المهلة .
قاد الكلب المجموعة وقال للقطة :
اسمعي يا قطة ، سنعبر البحر الآن ، وحذاري من التشاجر مع الفأر ، لأن من يخالف هذا الأمر سأشق بطنه بالسكين .
وافقت القطة والفأر على ذلك ، وراح الكلب يسبح وسطهما حتى لا يقع بينهما أي شجار .
وهكذا عبروا البحر بسلام ونزلوا على الجزيرة ثم اتجهوا ناحية بيت اليهودي .
قال الكلب : من الذي سيتولى مهمة إحضار الخاتم ؟
قال الفأر : أنا
وقالت القطة : أنا
فقال الكلب : لنضع خطة نشترك فيها كلنا .. أنا سأقف عند الباب .
وقالت القطة : وأنا سأدخل إلى غرفة نومه حتى أتأكد من أنه نائم .
وقال الفأر : وأنا سأنتظر الإشارة لأدخل ذيلي في أنفه حتى يعطس ويقذف الخاتم من فمه .
حسن جداً هكذا قال الكلب ، ووافقوا جميعاً على الخطة .
انتظر الكلب عند الباب ، و دخلت القطة إلى غرفة نوم اليهودي وتأكدت من نومه ، فأعطت الإشارة إلى الفأر الذي دخل بهدوء ووضع ذيله في أنف اليهودي ، فعطس اليهودي وهو نائم ، وطار الخاتم من فمه ووقع عند الباب ، فحمل الكلب الخاتم وهربوا من بيت اليهودي .
وبعد عشرة أيام من عبور البحر ، عادوا إلى الرجل الفقير ، وقالوا له :
يا صاحبنا هذا هو خاتمك ؟
قال الفقير فرحاً :
إن لكل شيء نفعاً في هذه الدنيا ، فها هي الحيوانات نفعتني وأعادت لي الخاتم دون حرب أو خلاف .
أما اليهودي فقد استيقظ في الصباح ولم يعثر على الخاتم فتذكر قول الفقير حينما قال له أن الله وحده هو الذي أعطاني الخاتم وهو الذي سيعيده إليّ ، و أدرك أنه ظلم الرجل الفقير ، وظل متحسراً على الخاتم إلى آخره عمره …