فن تقليدي عماني عريق، يمارس في جميع مناطق السلطنة دون استثناء على اتساع الرقعة الجغرافية للأرض العمانية. سمي العازي كذلك نسبة إلى الرجل أو الشاعر الذي ينشد قصيدة العازي التي يعتز فيها ويفتخر بأهله وأقربائه وعشيرته. يقال عزا فلاناً إلى فلان – عزواً، وعزيا: أي نسبه إليه. وعزا فلان لفلان أي انتسب إليه صدقاً أو كذباً ويقال أيضاً:اعتزى فلان بفلان أي ناداه لنجدته، وطلب منه العون والمساعدة. والعربي: استصرخ قبيلته واستغاث بها.
والعازي هو فن الفخر والمدح، وهو كذلك فن الإلقاء الشعري دون تنغم أو غناء. وهو فن فردي في أساسه، يتولاه شاعر مبدع مجيد لأصول الإلقاء الشعري، حافظ ورواية لها هذا الشاعر يسمى العازي، وهي صيغه اسم الفاعل من الفعل (( عزى )).
فن العازي مرتبط بفن الرزحة ارتباطاً وثيقاً يكاد لا ينفصل فحيثما أقيمت الرزحة يقام العازي، فهو عادة يقام بعد الهمبل أو المسيرة أو بعد رزحة اللال العود (( اللال الكبير )) ــ كما في بعض ولايات منطقة الباطنة.
يقيم العمانيون العازي في المناسبات التالية:
1- الأعراس، أو احتفالات الزواج.
2- احتفالات الختان (( للصبية )).
3- لتحية الوالي في الأعياد: عيد الفطر وعيد الأضحى.
4- بمناسبة التحية عند قدوم ضيف رسمي أو زائر كبير للبلاد ويكون جميع المشاركين في فن العازي دائرة كبيرة مقـفلة ، ويتصدر شاعر العازي جماعته وهو ممسك بسيفه في يده اليمنى وترسه في يده اليسرى ، ويسير وهو يلقي أو ينشد قصيدة الفخر أو المدح ، ويهز سيفه عند كل وقفة في الإلقاء هزة مستعرضة ترسل بنصل السيف في رعشة مرعدة .
تشارك مجموعة من الرجال التي تسير وراء شاعر العازي وهم يلفون الساحة في تلك الدائرة المقـفلة التي تحيط بالشاعر وتابعيه وهم يرددون عدة هتافات محدده في نمط موروث، وهذه الهتافات هي:ـ
1- وسلمت: تقال في هتاف قصير حاد نفاذ، كان يصاحبه فيما مضى إطلاق الرصاص من البنادق، لا يزال المشاركون حتى الآن يشحذون بنادقهم في صوت مسموع مع هذا الهتاف الذي يلي البيت الأول من شعر المقطع الذي يلقيه الشاعر.
2- الملك لله يدوم: يمد شاعر العازي والمشاركون حرف الألف في لفظ الجلالة تأكيداً للمعنى في هذا الهتاف الذي في نهاية المقطع الشعري الذي ينشده الشاعر.
3- صبيان يا كبار الشيم: جملة ينهي بها شاعر العازي المقطع الشعري في مدح أو فخر أهله وعشيرته.
ليس كل العازي يؤدى في مسيرة إلقاء شعري وسط دائرة كبيرة من المشاركون وإن كان ذلك في الغالب الأعم ، ففي ولاية دما والطائيين يؤدى فن العازي والقيام قد اصطفـوا في صيف طويل واحد مستعرض ، وشاعر العازي يسير أمام هذا الصيف منفرداً يلقي قصيدته والرجال يرددون عليه ردود العازي التقليدية المعروفة .
قصائد الشعر في فن العازي تقع في ثلاثة أنماط:
1- الألفية، وفيها تكون قصيدة الشعر على حروف الهجاء، حيث يبدأ كل مقطع شعري بحرف من حروف الهجاء، ابتداء من الألف وحتى الياء، ومن هنا كانت التسمية.ويختلف عدد حروف الهجاء في القصيدة الألفية باختلاف طول نفس الشاعر ومقدرته الذي قـد لا يتمكن من الوفاء بكل حروف الهجاء.
2- العدديه، وهى قصائد شعرية تبدأ المقاطع الثلاثة الأولى منها على الأقل عدديا بقول الشاعر: الأولة، الثانية، الثالثة. وقد يتمكن بعض الشعراء من بداية المقاطع التي تلي ذلك بأعدادها الرابعة والخامسة، وهكذا حتى العاشرة، وذلك حسب مقدرة الشاعر وطول نفسه.
3- المطلقة، وفيها تكون القصيدة غير مرتبطة بترتيب الحروف أو الأعداد، وإنما تتوالى أبياتها على سجية شاعرها ومبدعها وحسب الموضوع الذي تتحدث فيه.
وتبدأ قصيدة العازي عادة باسم الله، وتنتهي بالصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تتحدث قصائد الشعر في فن العازي في الأغراض التالية:
1- في التقوى وعبادة الله سبحانه وتعالى.
2- في مكارم الأخلاق.
3- في الفخر بالأسلاف والأجداد وحروبهم وغزواتهم.
4- في فخر الشاعر بنفسه، وفخره ومدحه لأهله وقبيلته.
5- في مدح حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ومنجزات حكمه الزاهر الرشيد.
قد يسبق قصيدة العازي أو يتلوها ــ في بعض الأماكن ــ صيحات يطلقها صاحب العازي، وهي صورة من صور الفخر، يبدؤها رجل العازي بكلمة (( سود )) ثم يتبعها باسم من يريد أن يمدحه أو يفتخر به: أهله وقبيلته، بلاده وسلطان المعظم، وتراثه العريق من قلاع وحصون وأبراج، كبار الشخصيات في تاريخ ولايته قديما وحديثا.
الأصل في كلمة (( سود )) هو أسود ( جمع أسد ) ، وفي النطق تسقط الألف : يرددها المشاركون في صوت واحد ، بينما يعدد العازي أسماء من يقـصدهم بالمدح أو يفتخر بهم ، وتنتهي هذه الصيحات بقول صاحب العازي : والمسلمين تكبر ، فيـرد عليه جميع المشاركين : (( الله أكبر )) وبنفس هاتين الجملتين يختتم فن العازي.
هذا مثال لما يقال من صيحات في فن العازي:
صاحب العازي المشاركون
أسود أولاد العم سود
كبار الشيم سود
يجلوا الهم سود
برق تبسم سود
براد دهم سود
سيل عم سود
بحر طم سود
جبل صم سود
يا الأسود سود
ما حد مفنود سود
غلاظ الكبود سود
نسل الجود سود
عصبة راسي سود
رعد قاسي سود
المشهورين سود
المذكورين سود
خطام الوادي سود
سم الأعادي سود
شرار النار سود
تحاتوا العار سود
حامين الجار سود
برصاص صغار سود
والمسلمين تكبر الله اكبر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: من فنون عمان التقليدية – وزارة الأعلام 1990 م