الشاب الحكيم

الشاب الحكيم

التقى شاب برجل في منتصف العمر وهو في طريقه إلى بلدة أخرى . فقال له : إما أن تحملني أو أحملك ؟

نظر إليه الرجل باستغراب ولم ينطق .

كرر الشاب كلامه .

فقال  الرجل : أي كلام هذا ، كيف أستطيع أن أحملك ؟! وكيف تستطيع أن تحملني ؟

صمت الشاب وواصلا رحلتهما حتى وصلا إلى قرية صغيرة ، فشاهدا عدداً كبيراً من الأغنام ليس بينها تيس .

قال الشاب :  هل ترى في هذه الأغنام بركة ؟

صمت الرجل ولم يرد بشيء ، وحاول الشاب أن يحصل منه على جواب لكن الرجل ظل صامتاً .

واصلا الرحلة حتى وصلا إلى قرية أخرى فشاهدا عدداً قليلاً من الأغنام ومعها تيسين .

فقال الشاب :  هل ترى في هذه الأغنام بركة ؟

فلم يجب الرجل بشيء وواصلا سيرهما حتى وصلا إلى المدينة التي كانا يقصدانها .

فقال الشاب : لا تتعجل في دخول بيتك ، وأستأذن قبل الدخول .

ولم يقل الرجل شيئاً ، وواصل طريقه إلى بيته ، وكان له إبنة ذكية حصيفة كانت لحظتها تغسل الثياب في فناء الدار ، وعلى مقربة من رأسها كانت هناك قطعة حديد بارزة .

دخل الرجل بيته دون استئذان ، ففزعت البنت ، وهبّت من مكانها ، فاصطدم رأسها بقطعة الحديد ، وسال الدم من رأسها .

شاهد الرجل الدماء وهي تسيل من رأس ابنته فقال :
لقد طلب مني الشاب أن أستأذن قبل الدخول لكنني لم  أعمل بنصيحته .

وأسرع بإسعاف أبنته ، ومداواتها حتى توقف الدم ، فقالت أبنته :
ماذا كنت تقول يا أبي ؟

قال الرجل : لقد صادفت شاباً في طريقي .. وأعتقد إنه مخبول !!!

قالت الابنة : وماذا قال لك هذا الشاب ؟

قال الرجل : قال لي إما أن تحملني أو أحملك ، ولكنني لم أرد عليه ، ثم جئنا إلى قرية صغيرة وشاهدنا فيها أغناماً ليس معها تيس ، فقال لي : هل ترى في في هذه الأغنام بركة ؟ ولم أستطع أن أجيبه ، ثم وصلنا إلى قرية ثانية وشاهدنا أغناماً قليلة ومعها تيسان فقال لي الشاب : هل ترى في هذه الأغنام بركة ؟

قالت البنت  وماذا بعد ذلك ؟

قال الرجل : لما وصلنا إلى هنا طلب مني أن أستأذن قبل أن أدخل البيت ، فلم أعمل بنصيحته وحدث ما حدث .

فقالت البنت : وأين هذا الشاب ؟

قال الرجل : هو ضيف عندي لثلاثة أيام ، وهو بالمسجد الآن .

قال البنت : أريد أن أتعرف عليه .

قال الرجل : وعدته بأن أبعث له بالزاد إلى المسجد .

أرادت البنت أن تختبر هذا الشاب ، فأرسلت له مع خادمتها ثلاثين رغيفاً ودلّةً مملوءة بالقهوة وإبريق شاي ، وقالت للخادمة :

إذهبي إلى المسجد وستلقين شاباً هناك ، أعطه الأرغفة والقهوة ، قولي له : إن في الشهر ثلاثين ليلة وإن البحر طام .

سارت الخادمة إلى المسجد ، وفي الطريق شعرت بالجوع ، فتناولت ثلاثة أرغفة ، وأكلتها ، وشربت  من القهوة عطست بقوة ثم قالت له :
إن سيدتي تقول : إن في الشهر ثلاثين ليلة ، وإن البحر طام .

فتح الرجل الكيس فوجد الخبز ناقصاً …. وكذلك القهوة ، فطلب من الخادمة أن ترجع الأرغفة والقهوة وأن تقول لسيدتها : إن في الشهر سبعاً وعشرين ليلة ، وإن البقرة تناوي .

لم تفهم الخادمة ما قاله الرجل ، وعادت إلى البيت ، وقالت لسيدتها ما قاله الشاب لها.

فقالت البنت : لعنك الله ماذا فعلت ؟ هل أكلت شيئاً من الأرغفة ؟

قالت الخادمة : عندما وصلت إلى الشاب ، عطست عطسه قوية في وجهه .

وأدركت البنت أن هذا الشاب يتمتع بذكاء كبير ثم قالت لأبيها :
سأخبرك يا أبي بما يقصده الشاب في حديثه معك ، فحين قال لك أحملني أو أحملك كان يريد أن يسامرك أو تسامره في هذه الرحلة ، وأما الأغنام الكثيرة بدون تيس فلا بركة فيها لأنها لا تتكاثر ، وأما الأغنام القليلة ومعها التيسان ففيها البركة لأنها تتكاثر ، وحين طلب منك الاستئذان قبل دخول البيت فلأن هذا بشيء لابد أن يفعله كل إنسان قبل يدخل  البيوت .

ثم قالت لأبيها : لابد أن تزوجني هذا الشاب .

فقال الأب : ولماذا تريدين أن تتزوجيه .

قالت البنت : إنه الزوج الذي كنت أبحث عنه .

فوافق الأب على زواجهما على سنة الله ونبيه الكريم .

شاهد أيضاً

الاصدقاء

الأصدقاء كان في قديم الزمان لأحد التجار الميسورين ابن وحيد مدلل . ولاحظ الأب أن …

اترك تعليقاً