قابوس الانسان

قابوس الانسان

المولد والنشأة:

ولد جلالته – حفظه الله – في مدينة صلاله الواقعة على بحر العرب بجنوب عمان في السابع عشر من شهر شوال عام ألف وثلاثمائة وتسعة وخمسين هجرية الموافق الثامن عشر من شهر نوفمبر عام ألف وتسعمائة وأربعين ميلادية ، وقد سجل الشعراء العمانيون مناسبة مولده شعرا وزفوا به البشرى ، ذكرى اليوبيل الذهبي الأول من عمر جلالته المديد بأذن الله . تلقى التعليم في سنواته المبكرة على أيدي نخبة من المعلمين العمانيين كما تتلمذ على يدي مدرس حجازي الأصل من خريجي جامع الأزهر الشريف ، وفي شهر سبتمبر من عام 1958 سافر إلى المملكة المتحدة لمواصلة تعليمه العالي، فأنتسب إلى حدى المدارس الخاصة في مقاطعة (سافوك) لمدة سنتين , تأهل بعدها للالتحاق بالأكاديمية العسكرية الملكية (ساند هرست) كضابط مرشح ، وتخرج منها بعد سنتين بنجاح ، والتحق بعد ذلك في أعمال تدريبية عسكرية ميدانية من خلال إحدى الكتائب الإسكتلندية الشهيرة في ذلك الوقت والعاملة في ألمانيا الاتحادية آنذاك ، حيث قضى ستة أشهر يتلقى التدريب في فن القيادة ، ثم عاد إلى المملكة المتحدة لحضور دورات تخصصية في الحكم المحلي وفنون الإدارة المختلفة استمرت سنه ، قام بعدها بجولة حول العالم لمدة ثلاثة اشهر متواصلة وفي عام 1964عاد إلى عمان وبقي مقيما بجوار والده المغفور له حضرة صاحب الجلالة السلطان سعيد بن تيمور في مدينة صلالة وكان يقضي معظم وقته في الاستزادة من علوم الشريعة والفقه الإسلامي الحنيف والتاريخ العماني على يد أحد مشايخ العلم العمانيين المعروفين ، كما كان يلتقي بكبارالشيوخ والمسئولين الذين يزورون والده ولكنه لم يمارس أي دور رسمي .

النسب :           

هو السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور بن فيصل بن تركي بن سعيد بن سلطان بن أحمد بن سعيد بن احمد بن محمد بن خلف بن سعيد بن مبارك البوسعيدي العماني العتكي الأزدي ، فهو بذلك السلطان الثامن المنحدر رأسا من المؤسس الأول للدولة البوسعيدية (الإمام أحمد بن سعيد ) عام 1741 م وتعد هذه الأسرة الكريمة من أقدم الأسر العربية الحاكمة بصورة متواصلة في عالمنا العربي ، حيث انقضت مائتين وخمسين سنة على توليها زمام الحكم في البلاد.

وتورد كتب التواريخ والأنساب إن هذه القبيلة العمانية الأصيلة تنتمي إلى أبى

سعيد القائد العماني العربي المسلم (المهلب)بن أبي صفرة وأسمه سالم بن ظالم بن سراق بن صبيح بن كنده بن عمرو بن وائل بن حارث بن العتيك بن الأسد ابن عمران بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء بن حارثه بن أمرؤالقيس بن ثعلبة ابن مازن بن (الأزد) والى ذلك يشير الشيخ العلامة الفقيه النسابة القاضي محمد ابن شامس البطاشي في قوله :

أول من أسس هذي الدولـــة  أحمد ذو النجدة ثم الصــــــولة
نجل سعيد ذو العلا بن أحمـد من آل بوسعيد قوم نـجــــــــد
نسبتهم إلى المهلب العلــــــم نجل أبي صفرة والطود الأشـم
وهو الذي يدعى أبا سعيـــد كذا روى لنا أولوا التمجـيــــد

 

أساتذة صاحب الجلالة

الأستاذ/ حسن الجمالي

الأستاذ/ إبراهيم الحكيم

الأستاذ /حفيظ الغساني

الشيخ/ إبراهيم بن سيف الكندي

قم حدث الدهر عن سلطاننا الحالي          وأشرح له ما ترى من حسن أعمال

وقل له إنما الدنيا قـــــــد ازدهرت           به وتاهت بحسن المظهـر الغــــــالي

 

توليه مقاليد الحكم

في يوم 23يوليو 1970 م المجيد (يوم النهضة المباركة) تولى مقاليد الحكم في البلاد فوحدها بعد شتات ونادى بعودة العمانيين المهاجرين ، وشكل أول حكومة عصرية ، وبدأ بحكمة بالغة في استغلال العائدات البسيطة للنفط آنذاك لتطوير البلاد وحارب فيها الثالوث القاتل (الفقر والجهل والمرض) ووصلت السلطنة إلى مستوى يعجز التعبير عنه كل ذلك في ظرف اثنان وثلاثون سنه .

لقد امتدت الإمبراطورية العمانية يوما إلى عدد من الجزر الواقعة في الخليج وساحل فارس والهند وسوقطرى وسواحل شرق أفريقيا وزنجبار ثم جار عليها الزمان بسبب الحروب الأهلية فتمزقت أجزاؤها المتباعدة وغدت من الدول المتخلفة في العالم العربي حتى قيضت لها العناية اللإهية ابنها البار الذي تولي مقاليد الحكم فأنقذ شعبه وبلاده وبدأ بتنفيذ الأولويات الضرورية فرفع مستوى المعيشة وفتح المدارس والمستشفيات وعبد الطرق ووسع قاعدة الاقتصاد العماني وقوى الأمن والدفاع وطهر الجنوب من فلول التمرد وحقق الانتصار تلو الانتصار فانعكست تلك المنجزات على أشعار وأناشيد المواطنين وأغانيهم المختلفة .

هـواياته واهتماماته

ينتزع حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظه الله نفسه من مشاغله السياسية ومن هموم بناء بلد عظيم ليخلو لنفسه لحظات وليمارس هواياته كانسان وليستمتع بمجالسة الكتاب ومحاورة مفكري العرب والعالم من خلال أمهات الكتب التي تملأ مكتبته بعدد من اللغات .

فوق كل هذا نجد انه فارس ماهر يرعى الخيل ويمتطيها وقد انشأ لها إسطبلات

خاصة وحقل توليد كما يقتطع لها بعض من وقته الثمين ويتفاءل بها (الخير) ويحرص على أن يعيش اليوم الأول من كل عام ميلادي في رعاية السباق السنوي للخيل يحف به أفراد الأسرة المالكة الكريمة والوزراء والضيوف وعدد من أبنائه الشباب وطلبة المدارس ، والى جانب اهتمامه بالخيل فهو يهتم بالهجن العربية الأصيلة كما يهتم بعدد كبير من الحيوانات العمانية الأليفة والبرية كالمها والغزلان والآرام والطيور النادرة ، ويحرص على رعايتها وإطعامها في مواطنها الطبيعية ويدعو إلى تكاثرها باعتبارها ثروة بيئية قومية ويتأثر لأي سوء يصيبها أو يشوه البيئة والطبيعة العمانية .

كما يهوى جلالته الرحلات البريه والبحرية ويمارس هذه الهواية ضمن برامجه السنوية التي يحرص فيها على تفقد أحوال شعبه الوفي ومتابعة برامج التنمية الممتدة إلى كل مكان وقد اعتاد اختيار رحلاته الميمونة في ليلي الشتاء القارس، لا تثنيه عنها الأمطار وعوامل الطبيعة القاسية .

كما يحرص على ركوب البحر في بعض تنقلاته بين مسقط وصلاله وفي زياراته لمحافظة مسندم وينزل في الجزر العمانية ، كما عرف عنه حب الطيران وقيادة بعض أنواع الطائرات الحديثة وبموجب إرادة سامية أنشأ ناد للطيران يتدرب فيه الهواة كما أنشأ مؤخرا ناد للغوص .

ومن هواياته واهتماماته الموسيقى والفنون بأنواعها المتعددة وقد انعكست هذه الهوايات على الفنون العمانية فتطورت كثيرا وأصبحت في عمان العديد من الفرق الموسيقية العسكرية وفرق الموسيقى التقليدية العربية الشرقية الأصيلة والفلكلور أيضا، كما أنشأ جلالته فرقة للموسيقى الكلاسيكية (الأوركسترا السمفوني ) وهو يستمع للموسيقى بأنواعها ويستمتع بها ويحيط بكل مدارسها المختلفة ، وفي مجال الفنون الأخرى يهوى التصوير الفوتوغرافي والرسم واللوحات الفنية والتحف القيمة إضافة إلى المخطوطات النادرة والمسكوكات ويشجع الحرف اليدوية التقليدية ويدعو إلى تطويرها وانتشارها .

ومن هواياته واهتماماته – حفظه الله – الزراعة والحدائق والزهور ويمتلك عددا من المزارع الإنتاجية وحدائق الزهور وقد أطلق مؤخرا عالميا على إحدى الورود الزكية اسم “وردة السلطان قابوس” وذلك تقديرا لدور جلالته الرائد على المستويين الإقليمي والدولي سواء في مساعي الوفاق والسلم أو تعهده المعروف لرعاية البيئة من أجل حياة صحية نقية .

ومع متابعة جلالته المستمر لما يستجد في عالم الطب الحديث فانه يهتم أيضا بالطب التقليدي الشعبي والتداوي بالأعشاب ، وفي عمان ينتشر عدد من هؤلاء الذين يجيدون خلط الأعشاب واستخراج الأدوية منها ، وقد وجه جلالته بإنشاء عيادة في مسقط من هؤلاء العارفين بهذا الطب التقليدي ويتردد على تلك العيادة عشرات من المواطنين والمقيمين بالسلطنة يتلقون فيها العلاج على نفقة جلالته الخاصة .

ولجلالته اهتمام بعلوم الفلك والنجوم والإجرام السماوية ويمتلك مرصدا صغيرا أقيم في بيت البركة العامر وهو علم هام يعرف بعلم “الاسترونمي” وقد كان من ابرز واهم العلوم التي اهتم بها العرب الأوائل وأنتشر عنهم في أوروبا.

ولعل من اكثر اهتمامات جلالته التي يمارسها ويرعاها بشكل مستمر ودائم الرماية بمختلف الأسلحة النارية وخاصة بالمسدس والبندقية، وهي هواية تولدت لديه منذ الصغر ويشجع على انتشارها خصوصا في الوحدات العسكرية وقد انشأ لها اتحاد ينظم سباقاتها السنوية على مستوى السلطنة وفي المشاركات الإقليمية والأولمبية.

والى جانب الرماية فهو يحب رياضة المشي خصوصا على ساحل البحر.

ومن ضمن اهتماماته أيضا المتعددة القراءة والمطالعة خصوصا العلوم الإسلامية والسياسية والعسكرية ويتابع وسائل الأعلام المختلفة ويقرأ التقارير المرفوعة إليه بعناية فائقة ويقتني الكثير من المجلدات لمكتباته العامرة .

{ إننا نعيش عصر العلم ونشهد تقدمه المتلاحق في جميع المجالات, وان ذلك ليزيدنا يقينا بأن العلم والعمل الجاد هما وسيلتنا لمواجهة تحديات هذا العصر وبناء نهضة قوية ومزدهرة على أساس من قيمنا الإسلامية والحضارية ، وانه ليتوجب عليكم .. أن تضعوا ذلك نصب أعينكم دائما وتكرسوا كل جهودكم للتزود بالعلم وبكل ما ينمي قدراتكم .} قابوس بن سعيد

اترك تعليقاً