صبر ساعة

صبر ساعة

كان هناك رجل عنده سبع بنات. وكنَّ من أمِّ عربية إلا واحدة منهن كانت أمها حبشية، وتولت جدتها تربيتها.

وذات يوم قرر الأب أن يسافر فنادى عليهن وطلب من كل واحدة منهن أن تحدد له ما تريد منه. في تلك الأثناء كانت ابنته من زوجته الحبشية تصلي، وكلما نادت عليها أخواتها لتأتي لوداع والدها .. ردت عليهن قائلة : صبر ساعة أي انتظرن حتى أكمل صلاتي.

كررن طلبهن لكنها كانت ترد عليهن : صبر ساعة.

فذهبن إلى الأب وقلن له : إن أختنا تريد أن تحضر لها رجلا ً اسمه صبر ساعة.

وجم الأب قليلاً ثم ودع بناته وسافر .. وخلال رحلته سمع هناك من ينادي على رجل اسمه صبر ساعة، فذهب إليه الأب وقال له : إن إبنتي تريد الزواج منك.

قال الرجل : سأنجز أعمالي أولاً، وبعد ذلك سأحضر إليها.

وأعطاه حصاة وطلب منه أن يعطيها للبنت.

عاد الأب من سفره ونادى على ابنته وقال لها : خذي هذه الحصاة .. أرسلها لك صبر ساعة.

أخذت البنت الحصاة ورددت بينها وبين نفسها .. لقد قلت صبر ساعة لأكمل صلاتي .. ولم أقل إني أيد رجلاً إسمه صبر ساعة. أمسكت البنت بالحصاة، وأخذت تخدشها فتبين لها ان في داخلها صندوقاً ووجدت في داخل الصندوق حقيبة وبها قفل ومفتاح. فتحت الحقيبة، ووجدت بداخلها رسالة كتب فيها أن صبر ساعة سيحضر بعد خمس سنوات وأن عليها أن تجهز البيت.

ووجدت داخل الحقيبة أيضاً نقوداً وذهباً وفضة، فقالت البنت لنفسها: كنت أقول صبر ساعة كي أصلي بينما أحضر لي أبي زوجاً اسمه صبر ساعة.

وأخذت البنت الحبشية تجهز البيت وتشتري حاجياتها من النقود التي أرسلها لها صبر ساعة.

ومضت السنوات الخمس، وجاء صبر ساعة وقال للأب : جئت حسب الموعد للزواج من ابنتك.

قال الأب : عندي سبع بنات وسأرسلها إليك في كل يوم واحدة منهن لتغسل يديك فتختار من بينهن من تريدها زوجة لك.

جاءت البنت الكبرى في اليوم الأول .. ثم الثانية والثالثة.. وكل واحدة تأتي بأبهى زينتها وأفضل ما عندها من ثياب ، ولكن صبر ساعة يرفض الزواج منهن ، وجاء دور ابنة الحبشية فقامت بواجبها وهي ترتدي ملابسها العادية، فقال صبر ساعة للأب : هذه هي البنت التي أريدها.

غضبت الأخوات من هذا الأمر وأخذن يتسألن : كيف يختار بنت الحبشية السوداء و لايختار واحدة منا، إنها لا تصلح زوجة له.

لكن صبر ساعة أصر على الزواج منها، وعندئذٍ قررت الأخوات أن ينتقمن منها، ويجعلن زوجها يهجرها.

وبعد مضي عشرة أيام جاءت الأخوات وسألن البنت الحبشية عن مكان نوم زوجها ومكان جلوسه وملابسه، فأخبرتهن دون أن تعلم بنواياهن.

أحضرت الفتيات سماً ووضعنه على فراشه فامتلأ جسم صبر ساعة بالقروح.

قال صبر ساعة لزوجته : سأسافر طلباً للعلاج وإذا كتب لي الله الشفاء سأعود إليك.

سافر صبر ساعة طلباً للعلاج وغاب مدة طويلة. وذات يوم كانت البنت الحبشية جالسة فإذا بها تسمع ثلاث حمامات يتحاورن.

قالت الحمامة الأولى : لو كانت تعرف أن دمي سيشفي قروح صبر ساعة لذبحتني.

وقالت الحمامة الثانية : لو كانت تعرف لحمي المشوي سيشفي صبر ساعة لذبحتني.

وقالت الحمامة الثالثة : لو كانت تعرف أن ريشي سيشفي قروح صبر ساعة لذبحتني.

هبت الفتاة من مكانها واصطادت الحمامات الثلاث. وأخذت الدم من الاولى، وشوت الثانية، وأخذت الريش من الثالثة.

ثم جهزت عدة سفرها، وزودت نفسها بالماء وسافرت إلى حيث يوجد صبر ساعة متخفية في ملابس طبيبة وأخذت تنادي : طبيبة … طبيبة. حتى وصلت إلى بيت صبر ساعة، فنادتها أمه وقالت لها:

هل أنت طبيبة؟

قالت: نعم.

أخذتها الأم إلى دار صبر ساعة فوجدته في حالة بائسة والقروح تغطي جسده.

طلبت الطبيبة من الأم أن تغلي الماء، وأمرت أن لا يدخل عليها أحد. ثم قامت بوضع قطرات من الدم على ريش الحمامة ومسحت به القروح وأطعمته من لحم الحمامة المشوية، وبقيت معه لثلاثة أيام تداويه حتى شفى من قروحه.

شكرها صبر ساعة وسألها عما تريد مقابل ما فعلته، فلم تقبل شيئاً.

وذهبت إلى دارها ولم يكن أحد بالبيت، فدخل عليها صبر ساعة وعاشرها.

في اليوم التالي استأذنت صبر ساعة في السفر.

فقال صبر ساعة : لابد أن تطلبي شيئاً.

قالت : أريد حزامك الذي كنت تضعه وأنت صغير حول خصرك، وأريد طاقيتك وثوبك.

فأعطاها ما أرادت وعادت إلى أهلها.

بعد عودتها حملت فثارت ثورة أهلها، وأرادوا قتل الطفل لكنها أصرت على الاحتفاظ به.

بعد عامين عاد صبر ساعة في سفينة فذهبوا لاستقباله، وكان والد البنت الحبشية يداري خجله و لا يعرف كيف يواجه صبر ساعة، وماذا يقول عن فعلة ابنته، لكن البنت أصرت أن يصحب والدها ابنها معه لاستقبال الزوج، وألبست ابنها ثوب صبر ساعة وطاقيته وحزامه.

رأى صبر ساعة الطفل وعليه ثوبه وطاقيته وحزامه فقال: هذا ابني.

قال الأب : لا، هذا ليس بابنك، فقد ولد بعد سفرك.

لكن صبر ساعة قال: بل هو ابني.

قال الأب : وكيف يكون ابنك؟

فقص عليه حكايته مع الطبيبة التي لم تكن سوى زوجته، فابتهج الأب، وعاد صبر ساعة وابنه إلى البنت الحبشية وعاشوا جميعاً في خير وهناء.

شاهد أيضاً

الصياد

الصياد كان هناك رجل كبير السن يعيش في إحدى المدن القريبة من البحر .. وكان …

اترك تعليقاً