سنن وقواعد السوق القديم

نظام السوق
يفتح السوق أبوابه ويعمل خلال أيام الأسبوع عدا يوم الجمعة على فترتين ، الأولى صباحية من الساعة السابعة إلى الساعة العاشرة تقريبا ، والثانية مسائية من الساعة الثالثة حتى الساعة الخامسة ، أما يوم الجمعه فيعمل من السابعة صباحا حتى الرابعة مساءا ، ويتوقف العمل به خلال صلاة الجمعة فقط . ويوم الجمعه يختلف عن باقي الأيام حيث أن الناس لا يرجعوا إلى بيوتهم خلال فترة الظهر بل يقيّلوا في السوق إلى أن يحين موعد صلاة الجمعة في الجامع القريب من السوق ، فيذهبوا للصلاة ثم يعودوا لتبدأ عملية المناداة على البضائع والتسوق ، وهم في ذلك كسبوا شيئين صلاة الجمعة والبيع والشراء في هذا اليوم المبارك .

ومن قوانين السوق ثلاثة أمور يجب أن يلتزم بها البائع والمشتري معا وهي :
1- ضريبة الخيل (قعد) فمثلا ثمن جراب التمر يقتص من المشتري منه عشرة بيسات تمنح لاحقا لأصحاب الخيل .
2- ضريبة السوق ، تحدد بعشر بيسات ، تستخدم لعمارة وصيانة مرافق السوق ومنشآت البلاد الأخرى .
3- ضريبة حراس السوق ، أقل من عشر بيسات ، تمنح لهم نظير أعمال الحراسة على مقدرات السوق .
علما أن أمين السوق مسؤول عن تحصيل ضريبة السوق لمدة سنة كاملة ، ومتابعة الدلالين ، بعدها تتم أعمال المحاسبة أمام لجنة مشكلة من الوالي والقاضي وشيوخ البلاد فيقفوا على دخل السوق لمدة سنة ، وتعرض عليهم المشاريع الجديدة في البلاد التي يمكن تمويلها من هذه الميزانية .

المناداة على البضائع يوم الجمعة
في الصباح الباكر يأتي الناس من منازلهم ويتجمعون في عرصات السوق ، فالباعة كل يأتي ببضاعته فمثلا أصحاب البحر يأتوا بالسمك والقاشع والملح وأعلاف الحيوانات مثل السمك المملح والمجفف وقاشع العومة والبرية وجميع ما يستخرج من خيرات البحر ، ورجال البادية الذين يعيشون في الرمال يأتوا بالحيوانات مثل المعز والغنم والمواليد الصغار ، وأهل الريف أصحاب الأموال الخضراء يأتوا بالتمور والخضار والفاكهة ، فلكل بضاعة عرصة للعرض بها ، فيجتمع جو العمل مع جو اللقاءات الأخوية حيث الفرح والوداد والمحبة .
وبعد اكتمال الناس تتم عمليات المناداة ( المزايدة ) على البضائع وفق ترتيب محدد كالتالي :
1.الأبتداء بالمناداة على الأسماك ، حيث يصرخ الدلال بصوت عالي ومتواصل ” الصيد … الصيد … الصيد ” وذلك لإشعار الناس بموعد بيع الأسماك ، عندها يبدأ الناس بالتوافد إلى رقعة أو عرصة السمك ، وتبدأ مراسم المساومة بأن يرفع الدلال بيده سمكة واحدة ويصيح عاليا ” كم .. كم .. كم أنادي ” فيجيب أحد الحضور ممن يرغب بشراءها بالمزايدة ويضع السعر ويقول ” قرش ” فيصرخ الدلال بصوته قائلا ” فلان قرش .. فلان قرش .. من يزيد ” وهكذا إلى أن ترسي المزايدة على أحد الزبائن ، ويتم إستخدام الإشارات في أحايين كثيرة أثناء عملية المزايدة بين الدلال والزبائن .
2.المناداة على الملح
3.التوقف عن أعمال المناداة لتأدية صلاة الجمعة .
4.المناداة على الحيوانات
5.المناداة على القاشع
6.المناداة على التمور ، حيث يصيح المنادي ” من يبى زاد .. هين المتزود.. من يبى يشوم من يبى يسافر ”
7.المناداة على اللحوم وبالاخص المواليد الصغار
8.المناداة على بضائع أخرى
بعد الأنتهاء من المناداة على اللحوم يقوم القصابون بذبح الحيوانات لبيع اللحم ، وبيع اللحم لا يتم بالأوزان إلا للحوم الحيوانات الكبيرة مثل الجمال والأبقار ، أما الباقي فتباع لحومها فخوذا وأيادي ، والكل يحصل على نصيبه من الفوائد والارباح ، ونصيب القصاب خمسة قروش تقريبا

الصفة السياسية للسوق

ويستغل السوق في إيصال بيانات والي الولاية إلى الأهالي سواء كان ذلك البيان خبرا أو أمرا أو نهيا ، فيحضر مندوب الوالي إلى السوق وبعد صلاة الجمعة مباشرة وعند إزدحام الناس يصيح بأعلى صوته قائلا ” لا إله إلا الله .. والله أكبر .. ولله الحمد .. لا إله إلا الله .. الله أكبر .. ولله الحمد .. ذكروا الله .. ذكروا الله ” عندها يتوافد الناس ويتجمعون حوله متلهفين لسماع الأنباء الجديدة ، فيذيع لهم المندوب ما أتى من أجله وعند فراغه يصيح قائلا ” قولوا تم .. قولوا تم ” فيرد الحضور جميعهم ” تم .. تم ” إشارة إلى موافقتهم على تعليمات الوالي وتوجيهاته ، علما بأنه يتم تخصيص مبلغ معين لهذا الرجل من السوق نظير قيامه بشكل دائم بنقل تعليمات الوالي للأهالي .
كما أن هذا الرجل يذيع في كثير من الأوقات أمرا معينا للناس يتعلق بشيخ قبيلة أراد أن يصلح بين شخصين متخاصمين أو قبيلتين قام بينهما شجار أو صراع فيصيح هذا الرجل في الناس ويتجمعون حوله ويقول ” أنه حدث كذا وكذا وهذه سالفة من راس الشيخ الفلاني تقضي بالهدنة بين المتخاصمين لمدة أربعون يوما… والشاهد يعلم الغايب ” فيعرف الناس النبأ ويحترم الخصمين هذه الهدنة التي هدفها ترويض النفوس وتهدئتها ولعل المشكلة تجد لها طريقا للحل من خلال تدّخل أصحاب الخير من الناس .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد – جهة الإشراف على الموقع
– مبارك بن سالم بن هدوب الصواعي

شاهد أيضاً

ختــــــــان الأولاد

ختان الأولاد وهم لا يزالون في مقتبل أول سنوات العمر سنة إسلامية واجبه و عادة …