برج العـيص

يقع هذا البرج في منطقة الردة شمال منزل سالم بن راشد المشايخي ( ولد أبو حيان ) ، وجاءت تسميته بهذا الأسم نسبة إلى فلج العيص ، بنته قبائل بني بوحسن قبل مئات السنين لتوفير الحماية والمراقبة للولاية من الناحية الجنوبية وليشكل مع بقية الأبراج المجاورة حزاما أمنيا يمثل خط الدفاع الأول من هذه الجهة .

وهو عبارة عن بناء برجي مستدير أو أسطواني الشكل مسلوب البدن ، أي أن قطر قاعدة البرج أكبر من القمـــة ( برج مستدق إلى الاعلى ) ، حيث يلاحظ أن بناء البرج يستدق كلما أرتفعنا لذلك تباينت مقاسات وأرتفاعات جدران طوابق البرج فأرتفاع جدران الطابق الارضي أكبر من أرتفاع جدران الطابق الذي يليه وهكذا . ويبلغ أرتفاع البرج بكامل مرافقة حوالي 14م . ويفسر وجود هذا الاستدقاق للبرج لتحقيق غرض متانة وصلابة البناء وعدم تعرضه للتساقط حيث أن ثقل البناء يرتكز بأكملة على جدران الطابق الأرضي ربما كان مردوما للمنتصف أو بأكمله كما هو الحال بالنسبة لكثير من الامثلة المعروقة في عمان وإلتى يمكن أيضا ملاحظاتها في أماكن عديدة في منطقة الخليج العربي .

بنى هذا البرج على مصطبة حجرية مستديرة يبلغ محيطها حوالي 22.90 م وارتفاعها يتراوح ما بين 15 إلى 50 سم عن مستوى سطح الارض حيث يبلغ أقصى ارتفاع لها عند سفح التله التى يقوم عليها البرج في حين أن محيط  بدن البرج من الاسفل يصل إلى حوالي 19م .

يتكون هذا البرج من أربعة طوابق – كما هو واضح من الشكل الخارجي للبرج ويبدو ان الطابق الارضي منها  ربما كان مردوما للمنتصف أو بأكملة كما هو الحال في الكثير من الابراج المنتشرة في أنحاء عمان حيث كان الغرض الاساسي من هذه التقنية في البناء هو إعطاء طابع المتانة والصلابة للبرج وذلك لكي يكون قويا على الضرب عند مهاجمتة ، ومن ثم يصعب إلى حد ما ثقبة . يفصل بين كل طابق والطابق الذي يليه سقف عبارة عن مجموعة من البلاطات أو القوالب الحجرية ذات الشكل المستطيل والتى صفت بشكل دائري يتناسب مع هيئة البرج المستديره ، كما يفصل كل بلاطة حجرية وإلي تليها مزغل أو مرمى ذو شكل سهمي أو شكل حرف (v)  ويبدو أنها موجوده على مستوى قريب من أرضية الطابق بشكل مائل تدخل منه فوهة البندقية إلى الاسفل مباشرة أي أنها ربما تكون قد خدمت غرضا من الاغراض التحصينية للبرج . يبلغ عدد هذه المرامي 11 في الطابق الاول في حين أن الطابقين الثاني والثالث يتضمنان 12 مرماً لكل واحد منهما .

الطابق الاخير من البرج يمثل السطح الذي تعلوه دروه (( سور )) بشرفات والذي ربما يتوصل إلية عن طريق مرقاه عبارة عن أوتاد خشبية مثبة في جدار الطابق الثالث من الداخل وإلتى يتم الصعود عليها إلى الاعلى من خلال فتحة في سقف الطابق الثالث ويبدو أن هذا هو الحال إيضا بالنسبة لبقية الطوابق .

يلاحظ أن نهاية البرج الذي تشكلة الدورة (( السور )) ذو الشرفات بني على نمطين ، فهو من الناحية الجنوبية المطلة على البيوت أكثر ارتفاعا عنه في الجهة الشمالية وربما يفسر ذلك على أن الجهة الجنوبية هي الجهة التي يتم منها مهاجمة البرج بحكم أنها لا تحتوي على مناطق سكنية في القديم ، وما يدعم ذلك أيضا وجود الشرفة البارزة ذات السقاطة لذلك وجب رفع السور من هذه الجهة لكي يكون ساترا أو واقيا للمدافعين يستطيعون الاحتماء خلفة حين الهجوم على البرج . يتوج هذا السور أو الدروة مجموعة من الشرفات أو ما يسمى ( السروج ) على شكل تموجات أو عقود مدببة بينها مسافات منتظمة تقدر بحوالي 10سم والتى تساعد المدافعين من مراقبة العدو عند أقترابه وفي حالة الهجوم فأنهم يرمون العدو من المرامي المربعة المعدة أسفل هذه الشرفات والتى يصل عددها إلى حوالي سبعة مرامي ومن ثم يختفون وراء الشرفات . أمـــــا الدورة (( السور )) في الجهة الشمالية فأنها زودت أيضا بشرفات عددها 11.

يحتوي البرج على حوالي ثلاث دخلات معقودات تتصدرها فتحات صغيرة في الناحية الشرقية والغربية والجنوبية ، يبلغ عرض الواحدة منها حوالي 50 سم في حين أن ارتفاعها يصل إلى حوالي 70 سم . ويبدو ان الفتحة الصغيرة التي تكتنف الدخلة قد استخدمت كمرامي أو فتحات للمدافع لذلك وضعت في الطابق الذي يلي مباشرة الطابق الأرضي والذي سبق وأن ذكرنا بأنه يحتمل أن يكون مردوما ليحقق طابع المتانة بحكم أن المدافع ذات احجام ثقيلة وهي تقنية تم إقتباسها في عهد اليعاربة من البرتغالين حيث أن بناء أبراج المدفعية تزود بقواعد صلبة للمدافع.

في الناحية الشمالية نشاهد فتحة أخرى إلا أنها مستطيلة الشكل يصعد اليها من خلال احجار بارزة عن بدن البرج مما يعطي احتماليه كونها هي المدخل الى بناء البرج ، وتبلغ اضلاع هذه الفتحــــة حوالي 80×60 سم ويتضح من خلالها سمك جدران البرج التى  تصل الى حوالي 45سم .

 ربما تكون تلك الفتحة هي مدخل البرج يتم الصعود إليها بواسطة سلالم متحركة أو عن طريق أحجار تبرز من بدن البرج . والشرفة البارزه عن بدن البرج والتي بأرضيتها سقاطة لصب السوائل الحارقة في الجهة الجنوبية للبرج في بداية الطبقة الثالثة وينزل بناؤها قليلا إلى نهاية مستوى الطبقة الثانية مشكلة شكلا مربعا يبلغ طول أضلاعة حوالي 50 × 50 سم ، من المحتمل أن مدخلا كان فائما في هذه الجهة تحت السقاطة مباشرة كما هي العادة في معظم الابراج التي تحتوي على مداخل تحت السقاطات .

يتضمن البرج مجموعة كبيرة من الفتحات الدائرية التى يصل قطرها الى حوالي 5سم تتوزع على جميع طبقات البرج مشكلة صفين غير متوازيين. هذه الفتحات عبارة عن مرامي توضع فيها ماسورة البندقية اثناء مهاجمه البرج ويبدو أن وجودها على شكل صفين يخدم غرضين اساسين هما ان الصف العلوي يستخدم لإطلاق النار على الاعداء هذا بالإضافة الى وظيفة اخرى هي الاضاءة والتهويه . اذا يمكننا القول  بانها كانت تستخدم في الدفاع الايجابي بالاضافة الى وظيفة المراقبة والإضاءة والتهوية . يبلغ عدد هذه المرامي 31 في الطابق الثاني و37 في الطابق الثالث في حين أن الطابق الرابع يحتوي على 27 فتحه.

يلاحظ في الجهة الغربية وعند نهاية الطبقة الثانيه من الاعلى أن البرج يشتمل على فتحه بها لوحين من الحجر بارزين عن بدن البرج والتي ربما استخدمت لغرض تصريف المياه أو ما يسمى الميزاب.

تكشف جدران هذا البرج عن الجمع بين استخدام الاحجار والطوب الطيني والجص في عملية البناء وهي جميعها مواد أنتجتها البيئة المحلية بالاضافة الى هذه المواد فأنه ربما استخدمت مواد آخرى كالاخشاب ومشتقاتها وذلك في بناء سقوف البرج والسلالم الداخلية والتي يصعب ملاحظتها من الخارج.

 

شاهد أيضاً

برج صافحة

الموقــــــــــــــــــــــــع : جنوب غرب منطقة فليج المفاهية ، وسمي بهذا الأسم نسبة إلى فلج صافحة …