الاحتفاء بشهر رمضان المبارك

ولان المجتمع العماني مجتمع عربي مسلم محافظ، فان عادات أفراده وتقاليدهم العريقة التي يستقبلون بها هلول هذا الشهر الكريم و قضاء أيامه في العبادة بالصيام والصلاة وتلاوة القران الكريم والذكر والقيام تنم عن مدى حبهم العميق لما تضفيه أيام شهر رمضان على نفوسهم من مشاعر روحية عالية للتعبد والغفران و التقرب إلى المولى عز و جل.

     ولان في شهر رمضان عادات أصيلة كريمة فان احد لياليه تكون ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر و هو الشهر الفضيل الذي انزل فيه القران .

     من مظاهر أيام وليالي رمضان المبارك تجمع الناس وصفوا قلوبهم المؤمنة واللقاء الأخوي الذي يجمع بينهم على فعل الخير وتبادل المنافع والعطايا مما رزقهم الله بين المسلمين من غني و فقير دون فرق في و قفة الصلاة بخشوع أمام الله جل جلالة ودون تمييز في مقاييس الأيمان بين إنسان وآخر إلا بمقدار التقوى وطهارة النفس وصدق المشاعر والمقاصد والأهداف.

     ومن العادات والتقاليد التي يتوارثها الناس العمانيين ابنا عن أب عن جد من الماضي العريق إلى حاضرنا الزاهر و مستقبلنا المشرق التليد ، من مظاهر الاحتفاء بشهر رمضان انه منذ الإعلان عن ثبوت أول أيام هلال شهر رمضان يعمر الناس المساجد ويتلون القران ويصلون الصلوات الخمس والتراويح جماعه . كما يتجمع الناس من رجال و نساء وأطفال في حلقات خاصة لذكر وتلاوة القران الكريم لان الحسنات تزداد للمؤمنين في هذا الشهر المبارك ، فالصيام الذي يؤديه المسلم في رمضان ليس هو مجرد صيام عن الآكل  والشرب وإنما هو تعود وتحمل الصبر عن كل من نهى الله سبحانه و تعالى و رسوله (ص) عنه و يؤدي الناس في شهر رمضان أعمالهم العامة والخاصة المعتادة .

 وتظهر في ليالي رمضان الكثير من العادات الطيبة حيث تتضح أواصر الأخوة والترابط الاجتماعي و التجمعات العائلية التي تشمل الكبار والصغار سواء حول مائدة الإفطار بعد أذان وصلاة المغرب أو في السهرات الرمضانية التي تمتد بعد صلاة العشاء والتراويح إلى ساعات متأخرة من الليل قبل قرب تناول السحور والإمساك وآذان صلاة الفجر.

     وفي موائد الإفطار والسحور الرمضانية وما يقدم بينها عادة من مأكولات وعصائر والقهوة والفواكه في تجمعات الأفراد والجماعات في سهراتهم الرمضانية التي تجمع بين الغني والفقير واليتيم والمسكين معا على مائدة واحده وبشكل متساو ويحدث أن يشارك كل من أراد حسب قدرته وإمكانياته في إحضار ما يرغب في المساهمة به من مأكولات ومشروبات باردة وتمور وحلوى وفواكه وقهوة لتقدم مع غيرها مما يحضره الآخرين من مأكولات ومشروبات رمضانية أخرى على الموائد الرمضانية العامة التي تنتشر للإفطار في المساجد والسبل والدواوين العامة وبعض منازل المقتدرين من الناس حيث يتناول المضيفون وضيوفهم من الحضور بغض النظر عن أي سابق معرفه خاصة بينهم إلا لكونهم معا مسلمين متساوين أمام الله، ومثلما توجد حلقات تجمع الرجال في ليالي رمضان الكريم فان للنساء بدورهن تجمعهن بهذه المنسبة و يشاركن معا في إحضار كل ما تود إي منهن إحضاره من مأكولات و فواله تقدم للحاضرات بصورة عامه.

     من العادات الرمضانية كذلك تجمع الفتيات والفتيان الصغار السن من أبناء نفس الأسر والحي والحارة للعب معا أو للقيام قبل غروب الشمس بحمل بعض ما لدى أهلهم من عطايا و صدقات للفقراء أو لتبادل مأكولات مع الجيران والأقارب والأرحام تبركا لوجه الله وكثيرا ما تكون المأكولات والمشروبات المتنوعة التي تعدها الأسر المختلفة في ليالي شهر رمضان المبارك في بيوتها تفي باحتياجات كل أسرة وحجم عدد أفرادها ويكون إحضار هذه المواد الغذائية من الأسواق في حدود ما يفي بالغرض المطلوب منها دون إسراف وإكثار بدون مبرر لان الله سبحانه و تعالى يقول( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) صدق الله العظيم.

      و مما يقدم على موائد رمضان بالأخص في الإفطار من الأكلات الشعبية: الشوربة، الثريد، اللقيمات، الأرز، بأنواع طبخاته كالمكبوس باللحم والسمك والتمر والسمن المحلي وغير ذلك من الأكلات الخفيفة والفواكه و العصائر المتنوعة والماء البارد، ويكون التمر والقهوة من أول ما يتناوله الصائم عند الإفطار، ويقوم بعض الشباب بعد صلاة التروايح بإجراء بعض المسابقات والألعاب الشعبية في الساحات العامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب العادات العمانية للأستاذ / سعود بن سالم العنسي – مع بعض الإضافات

شاهد أيضاً

مراسم الزواج

المجتمع الجعلاني يتصف بالترابط الوثيق بين الأسر والعائلات والقبائل، ويتضح ذلك من خلال المناسبات الاجتماعية …