إكرام الضيف

عرف عن أهالي ولاية جعلان بني بو حسن الكرم منذ قديم الزمن حيث جاء على لسان ( بن مقرب ) الرحالة المعروف “أنهم قوما إذا أكرموا أشبعوا وإذا حربوا أشنعوا ” هكذا جاء في وصفهم ، فهذه الصفة متأصلة فيهم فالكرم يعم بينهم ولضيوفهم إذا ما وفدوا شأنهم في ذلك شأن بقية ولايات السلطنة .

فالغريب ضيفا مكرما له العناية الكاملة واللاجئ ضيفا معززا إلى أن يعود إلى بلاده هذا هو المبدأ الذي تعارف عليه الناس في جعلان ولا حرج ، فالاحتفاء بالضيف سمة غالبة بغض النظر عن تباين الناس في الإمكانيات المادية والظروف الاجتماعية .

       وجرت العادة في جعلان عند استقبال أي ضيف أخذه إلى المنزل ليرتاح، وبعد أن يقدم له ماء الشراب يسأل، فأول ما يسأل عنه الضيف عند الاستفتاح بالحديث المناشدة وهي عادة عمانية معروفه وذلك بان يسأل المضيف الضيف بهذا السؤال (شيء علّوم شيء خبر) فيجيب الضيف بإجابة ثابتة لا يتغير معناها أبدا ودائما تأتي بالنفي ولكن تختلف مفرداتها المستخدمة كأن يرد الضيف قائــــلا ( علوم الخير ما سمعنا بشيء ) أو ( غياب هموم ويكفيك الشر)، أما في حالة مطاردته من قبل ناس معينين أو عنده مشكلة عاجلة فلا بد أن يخبرهم بها في ذات الوقت حتى يكونوا على استعداد لمقابلة تلك الحالة، ثم تقدم له واجبات الضيافة والتي تبدأ بالفوالة وهي عبارة عن الفواكه المتوفرة والتمر، ثم القهوة العربية المرة، ثم وجبة الغداء أو العشاء التي لا بد أن تكون ذبيحة كاملة من الغنم المحلي تضاف إلى الأرز وتسمى بأكلة القبولي، ثم يتم إرجاع القهوة وصبها مرة أخرى للضيف حتى يكتفي بإشارة منه تتمثل في تحريك فنجان القهوة حركة بسيطة تدل على اكتفاءه، بعد ذلك يرش عليه بماء الورد، ثم يترك ليرتاح من عناء السفر.

 وأما بالنسبة لراحلته فتؤخذ إلى مكان مخصص للحيوانات خلف المنزل يسمى (درس) ويتم إنزال العتاد عنها وإراحتها وإطعامها، وإذا كان بصحبة الضيف خدم فإنهم يأخذون الراحلة بأنفسهم إلى اقرب ظل من البيت لإراحتها وربطها في الشجر أو تقييدها ثم الرجوع إلى المنزل، وفي فترة لاحقة يرسل صاحب البيت أولاده إلى الخدم بالماء والتمر لتشرب وتأكل الراحلة، وفي نفس الوقت يأخذونهم إلى البستان الخاص بهم ليقوم الخدم بأنفسهم بقص الحشائش والأعلاف وتقديمها للراحلة.

وبعد أن يرتاح الضيف يتم تنظيم نزهه له للتجول في البساتين وما بين الافلاج والقلاع والحصون ، ويقدم له وصف تفصيلي عن هذا وذاك ، عند ذلك يعتبر الضيف نفسه كأنه احد أبناء القرية.

وأقارب المضيف وجيرانه وأصدقاءه لابد أن يكون لهم نصيب في استضافه هذا الزائر حيث يقومون بالاستئذان   من المضيف الأصلي في تقديم الدعوة للضيف لتشريفهم في منازلهم على وجبة غداء أو عشاء أو إفطار وهكذا لمدة ثلاثة أيام أو إلى حين أن يقرر الضيف الرحيل بعد هذه الأيام كل وجبة تعد في منزل مختلف.

 و عادة ما يتم تنظيم سباق للخيل (ركض عرضه) على شرف الزائر وهذا بحد ذاته يعتبر قمة احترام وحفاوة  أهل القرية بالضيف، وفي أحايين كثيرة تقام على شرفه أيضا فن الرزحة العمانية الأصيلة.

  وبعد أن يقرر الضيف الرحيل يقوم المضيف بوضع هدية في راحلته وعادة ما تكون تمراًً. كما يقوم مضيفوه  بتوديعه بحرارة، وإن كان الوقت في غير سلم يقومون بمرافقته إلى نهاية مشارف القرية أو إلى منتصف الطريق إلى قريته ليعود إلى أهله سالما آمنا غانما.    

شاهد أيضاً

مراسم الزواج

المجتمع الجعلاني يتصف بالترابط الوثيق بين الأسر والعائلات والقبائل، ويتضح ذلك من خلال المناسبات الاجتماعية …