إبن التاجر

إبن التاجر

كان يا ما كان ، في قديم الزمان ، كان هناك تاجر طيب القلب ، ويحب عمل الخير ، وعندما حانت منيته أوصى ابنه قائلاً :

يا بني واظب على فعل الخير ، وأصلح بين الناس ، وتصدق على الفقراء ، وأنصر المظلوم ، ولا تتأخر في مساعدة من يستجير بك .

مات التاجر وقرر الابن أن يؤدي فريضة الحج . وكان الحج في تلك الأيام يتم سيراً على الأقدام ، فأخذ زاده ، وبدأ رحلته متوجهاً إلى بيت الله الحرام .

مشى الشاب أياماً وليالي حتى وصل إلى مكان تتقاتل فيه قبيلتان متنافستان ، فسأل عن أسباب هذا القتال ، فقالوا له :

إن القبيلة الأولى قتلت  ولداً من القبيلة الثانية .

فذهب إلى القبيلة التي قتل منها الولد  وقال :

جئت كي أصلح بينكم وبين القبيلة الأخرى كي تتوقف الحرب ، وهم مستعدون لدفع دية الولد .

تردت القبيلة في بادىء الأمر ورفضت العرض الذي أبداه الرجل ، إلا أنهم بعد تردد ابن التاجر عليهم وإلحاحه وافقوا على الصلح ، وطلبوا خمسمائة ريال دية عن الولد ، فأعطاهم المبلغ دون علم القبيلة الثانية ، وذهب إلى القبيلة الثانية وخاطبها قائلاً :

جئت كي أصلح بينكم وبين القبيلة الأخرى كي توقف الحرب ، فلقد تنازلت القبيلة عن دم الولد المقتول .

وافقت القبيلة على الصلح ، لكن دون أن تعلم أنه دفع مبلغ الدية .

وعندما أيقن أن الحرب قد توقفت بين القبيلتين مضى في سبيله مواصلاً رحلته إلى الحج . وفي الطريق قابل رجلاً وألقى عليه التحية ، فسأله الرجل : إلى أين أنت ذاهب ؟

قال ابن التاجر : أنا ذاهب إلى الحج .

قال الرجل : سأرافقك لكن بشروط .

قال ابن التاجر : وما هذه الشروط ؟

قال : أن نقتسم ما لدينا .

قال ابن التاجر : أوافق ، ثم أردف قائلاً .. وماذا أيضاً ؟!

قال : أن تطيعني أو أطيعك .

قال ابن التاجر : لا ، بل أنا الذي سأطيعك .

قال : عليك أن تعرف أنك لم تطعني قطعت رأسك .

قال ابن التاجر : إذا لم أطعك في شيء فافعل .

ومشيا في طريقهما إلى الحج ووصلا وأديا الفريضة، وفي الطريق عودتهما قرر ابن التاجر أن يتزوج، فنزل هو وصاحبه ضيفين على إحدى القبائل فأكرمتهما لثلاثة أيام .

وفي اليوم الثالث طلب ابن التاجر من شيخ القبيلة أن يتزوج ابنته ، فقال شيخ القبيلة :

سأزوجك ابنتي ولكن يجب أن تعلم من يقترب منها في الليل يصبح ميتاً فهل توافق على ذلك ؟

فطلب منه صاحبه أن يوافق .

قال أبن التاجر : نعم أنا موافق .

وتزوج الشاب ابنة الشيخ في احتفال بهيج . وقبل أن يدخل على زوجته قال له صاحبه :

لا تقترب من زوجتك مطلقاً ، وابتعد عنها إن هي اقتربت منك .

في صباح اليوم التالي جاء الشيخ ومعه أتباعه وطلب منهم أن يحملوا جثة ابن التاجر إليه اعتقادا منه أن لابد وأن يكون ميتاً ، لكن الرجال وجدوا أن ابن التاجر حي لا سوء به ، فرجعوا للشيخ وقالوا له : إن ابن التاجر بخير وزوجته أيضاً .

فتعجب الشيخ مما سمع .

ومضت ثلاثة أيام وابن التاجر لا يقترب من زوجته ، وفي اليوم التالي   جاء ابن التاجر إلى الشيخ وقال له :

يا عمي ، إني جئت لأستأذنك في السفر بزوجتي .

فوافق الشيخ ، وطلب من خدمه أن يرافقوه في رحلته ، لكن ابن التاجر أصر أن يسافر مع زوجته دون مرافقة أحد .

وسافر ابن التاجر مع زوجته ورافقهما في الطريق صاحبه .

ومضت أيام وهم يعبرون الوديان حتى وصلوا إلى مفترق طريقين فقال صاحبه :

لقد وصلنا إلى نقطة لابد أن نفترق فيها ، سنقتسم الزاد بالنصف فيما بيننا .

واقتسما الزاد والهدايا.

ثم قال لصاحبه : لقد اقتسمنا كل شيء إلا الزوجة .

فذهل ابن التاجر مما سمع وقال : ولكنها زوجتي .

قال صاحبه : أعرف ذلك ، ولكنه شرط بيني وبينك ولابد أن نقتسمها بالنصف ، نصف لك ونصف لي .

وحاول ابن التاجر أن يثنيه عن طلبه الغريب هذا ولكن دون فائدة .

قال صاحبه : لقد وافقت أن تعطيني كل شيء .

قال ابن التاجر : أنا موافق .

أخذ صاحبه السيف واقترب من الزوجة التي كانت جالسة على الأرض تراقب ما يحدث ، وجرد السيف من غمده رافعاً إياه ليضرب الزوجة ففزعت وصرخت بأعلى صوتها . وإذا بثعبان كبير يخرج من بطنها ، فالتفت صاحبه إليه وأعطاه السيف قائلاً :

إن هذا الثعبان هو الذي كان يقتل أي شخص يقترب من زوجتك ، ولقد أرسلني الله إليك كي يجازيك خيراً على صنيعك مع القبيلتين المتحاربتين .

وتوادعا وافترقا وعاد ابن التاجر مع زوجته وعاشا في سعادة وهناء .

شاهد أيضاً

الصياد

الصياد كان هناك رجل كبير السن يعيش في إحدى المدن القريبة من البحر .. وكان …

اترك تعليقاً